فصل: ج- إذا كان الماء شديد البرودة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.ج- إذا كان الماء شديد البرودة:

وغلب على ظنه حصول ضرر بإستعماله بشرط أن يعجز عن تسخينه ولو بالاجر، أولا يتيسر له دخول الحمام، لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: احتملت في ليلة شديدة البرودة، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال: «يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟».
فقلت: ذكرت قول الله عزوجل: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} فتيممت ثم صليت.فضحك رسول الله ولم يقل شيئا. رواه أحمد وأبو داود والحاكم والدارقطني وابن حبان، وعلقه البخاري.
وفي هذا إقرار، والاقرار حجة لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل.

.د- إذا كان الماء قريبا منه:

إلا أنه يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله أو فوت الرفقة، أو حال بينه وبين الماء عدو يخشى منه، سواء كان العدو آدميا أو غيره، أو كان مسجونا، أو عجز عن استخراجه، لفقد آلة الماء، كحبل ودلو، لأن وجود الماء في هذه الأحوال كعدمه، وكذلك من خاف إن اغتسل أن يرمي بما هو برئ منه ويتضرر به، جاز التيمم.

.هـ- إذا احتاج إلى الماء حالا أو مآلا:

لشربه أو شرب غيره، ولو كان كلبا غير عقور، أو احتاج له لعجن أو طبخ وإزالة نجاسة غير معفو عنها، فإنه يتيمم ويحفظ ما معه من الماء.
قال الإمام أحمد رضي الله عنه: عدة من الصحابة تيمموا وحبسوا لماء لشفاههم.
وعن علي رضي الله عنه أنه قال - في الرجل يكون في السفر، فتصيبه الجنابة، ومعه قليل من الماء، يخاف أن يعطش -: يتيمم ولا يغتسل. رواه الدارقطني.
قال ابن تيمية: ومن كان حاقنا عادما للماء، فالافضل أن يصلي بالتيمم غير حاقن من أن يحفظ وضوءه ويصلي حاقنا.

.و- إذا كان قادرا على استعمال الماء:

لكنه خشي خروج الوقت باستعماله في الوضوء أو الغسل، فأنه يتيمم ويصلي، ولا اعادة عليه.

.6- الصعيد الذي يتيمم به:

يجوز التيمم بالتراب الطاهر وكل ما كان من جنس الأرض، كالرمل والحجر والرجص.
لقول الله تعالى: {فتيمموا صعيدا طيبا} وقد أجمع أهل اللغة، على أن الصعيد وجه الأرض، ترابا كان أو غيره.

.7- كيفية التيمم:

على المتيمم أن يقدم النية.
وتقدم الكلام عليها في الوضوء، ثم يسمي الله تعالى، ويضرب بيديه الصعيد الطاهر، ويمسح بهما وجهه ويديه إلى الرسغين.
ولم يرد في ذلك أصح ولا أصرح من حديث عمار رضي الله عنه قال: اجنبت فلم أصب الماء فتمعكت في الصعيد وصليت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنما كان يكفيك هكذا وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض وتنفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه» رواه الشيخان.
وفي لفظ آخر: «إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب، ثم تنفخ فيهما، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين» رواه الدار قطني.
ففي هذا الحديث، الاكتفاء بضربة واحدة، والاقتصار في مسح اليدين على الكفين، وإن من السنة لمن تيمم بالتراب، أن ينفض يديه وينفخهما منه، ولا يعفر به وجهه.

.8- ما يباح به التيمم:

التيمم بدل من الوضوء والغسل عند عدم الماء فيباح به ما يباح بهما، من الصلاة ومس المصحف وغيرهما، ولا يشترط لصحته دخول الوقت، وللمتيمم أن يصلي بالتيمم الواحد ما شاء من الفرائض والنوافل، فحكمه كحكم الوضوء، سواء بسواء، فعن أبي ذر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصعيد طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين. فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير» رواه أحمد والترمذي وصححه.

.9- نواقضه:

ينقض التيمم كل ما ينقض الوضوء، لأنه بدل منه، كما ينقضه وجود الماء لمن فقده، أو القدرة على استعماله، لمن عجز عنه.
لكن إذا صلى بالتيمم، ثم وجد الماء، أو قدر على استعماله بعد الفراغ من الصلاة، لا تجب عليه الاعادة، وإن كان الوقت باقيا، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا، ثم وجد الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يعد الاخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرا له ذلك، فقال للذي لم يعد: «أصبت السنة وأجزأتك صلاتك» وقال للذي توضأ وأعاد: «لك الاجر مرتين» رواه أبو داود والنسائي.
أما إذا وجد الماء وقدر على استعماله بعد الدخول في الصلاة، وقبل الفراغ منها، فإن وضوءه ينتقض، ويجب عليه التطهر بالماء، لحديث أبي ذر المتقدم.
وإذا تيمم الجنب أو الحائض لسبب من الاسباب المبيحة للتيمم وصلى، لا تجب عليه إعادة الصلاة.
ويجب عليه الغسل متى قدر على استعمال الماء، لحديث عمر رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فلما انفتل من صلاته إذا هو رجل معتزل لم يصل مع القوم، قال: «ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟» قال: أصابتني جنابة ولم أجد ماء قال: «عليك بالصعيد فإنه يكفيك» ثم ذكر عمران: أنهم بعد أن وجدوا الماء أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال: «إذهب فأفرغه عليك»، رواه البخاري.

.المسح على الجبيرة ونحوها:

.مشروعية المسح على الجبيرة والعصابة:

يشرع المسح على الجبيرة ونحوها مما يربط به العضو المريض لأحاديث وردت في ذلك، وهي وإن كانت ضعيفة، إلا أن لها طرقا يشد بعضها بعضا.
وتجعلها صالحة للاستدلال بها على المشروعية.
من هذه الأحاديث حديث جابر: أن رجلا أصابه حجر، فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه، هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: لا نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات.
فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر بذلك فقال: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتمم ويعصر أو يعصب على جرحه، ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده»، رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني وصححه ابن السكن وصح عن ابن عمر، أنه مسح على العصابة.

.حكم المسح:

حكم المسح على الجبيرة الوجوب، في الوضوء والغسل، بدلا من غسل العضو المريض أو مسحه.

.متى يجب المسح:

من به جراحة أو كسر وأراد الوضوء أو الغسل، وجب عليه غسل أعضائه، ولو اقتضى ذلك تسخين الماء، فإن خاف الضرر من غسل العضو المريض، بأن ترتب على غسله حدوث مرض، أو زيادة ألم، أو تأخر شفاء، انتقل فرضه إلى مسح العضو المريض بالماء، فإن خاف الضرر من المسح وجب عليه أن يربط على جرح عصابة، أو يشد على كسره جبيرة، بحيث لا يتجاوز العضو المريض إلا لضرورة ربطها، ثم يمسح عليها مرة تعمها.
والجبيرة أو العصابة لا يشترط تقدم الطهارة على شدها، ولا توقيت فيها بزمن، بل يمسح عليها دائما في الوضوء والغسل، ما دام العذر قائما.

.مبطلات المسح:

يبطل المسح على الجبيرة، بنزعها من مكانها أو سقوطها عن موضعها عن برء أو براءة موضعها، وإن لم تسقط.
صلاة فاقد الطهورين من عدم الماء والصعيد بكل حال يصلي على حسب حاله ولا إعادة عليه لما رواه مسلم عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت.فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير.جزاك الله خيرا، فو الله ما نزل بك أمر قط، إلا جعل الله لك منه مخرجا، وجعل للمسلمين منه بركة، فهؤلاء الصحابة صلوا حين عدموا ما جعل لهم طهورا، وشكوا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره عليهم، ولم يأمرهم بالاعادة: قال النووي: وهو أقوى الاقوال دليلا.

.الحيض:

.تعريفه:

أصل الحيض في اللغة: السيلان، والمراد به هنا: الدم الخارج من قبل المرأة حال صحتها، من غير سبب ولادة ولا افتضاض.

.وقته:

وقته يرى كثير من العلماء أن وقته لا يبدأ قبل بلوغ الأنثى تسع سنين فإذا رأت الدم قبل بلوغها هذا السن لا يكون دم حيض، بل دم علة وفساد، وقد يمتد إلى آخر العمر، ولم يأت دليل على أن له غاية ينتهي إليها، فمتى رأت العجوز المسنة الدم، فهو حيض.

.لونه:

يشترط في دم الحيض أن يكون على لون من ألوان الدم الاتية:

.أ- السواد:

لحديث فاطمة بنت أبي حبيش، أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان دم الحيضة أسود يعرف فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الاخر فتوضي وصلي فإنما هو عرق» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان والدارقطني.
وقال: رواته كلهم ثقات ورواه الحاكم وقال: على شرط مسلم.

.ب- الحمرة:

لأنها أصل لون الدم.

.ح- الصفرة:

وهي ماء تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار.

.د- الكدرة:

وهي التوسط بين لون البياض والسواد كالماء الوسخ، لحديث علقمة بن أبي علقمة عن أمه مرجانة مولاة عائشة رضي الله عنها قالت: «كانت النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة، فتقول.لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء» رواه مالك ومحمد بن الحسن وعلقه البخاري.
وإنما تكون الصفرة والكدرة حيضا في أيام الحيض، وفي غيرها لا تعتبر حيضا، لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: «كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا» رواه أبو داود والبخاري ولم يذكر بعد الطهر.

.مدته:

لا يتقدر أقل الحيض ولا أكثره.
ولم يأت في تقدير مدته ما تقوم به الحجة.
ثم إن كانت لها عادة متقررة تعمل عليها، لحديث أم سلمة رضي الله عنها: أنها استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة تهراق الدم فقال: «لتنظر قدر الليالي والايام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر، فتدع الصلاة ثم لتغتسل ولتستثفر ثم تصلي» رواه الخمسة إلا الترمذي، وإن لم تكن لها عادة متقررة ترجع إلى القرائن المستفادة من الدم لحديث فاطمة بنت أبي حبيش المتقدم، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف» فدل الحديث على أن دم الحيض متميز عن غيره، معروف لدى النساء.
5- مدة الطهر بين الحيضتين: اتفق العلماء على أنه لا حد لاكثر الطهر المتخلل بين الحيضتين.
واختلفوا في أقله، فقدره بعضهم بخمسة عشر يوما، وذهب فريق منهم إلى أنه ثلاثة عشر.
والحق أنه لم يأت في تقدير أقله دليل ينهض للاحتجاج به.

.النفاس:

.تعريفه:

هو الدم الخارج من قبل المرأة بسبب الولادة وإن كان المولود سقطا.

.مدته:

لا حد لاقل النفاس، فيتحقق بلحظة فإذا ولدت وانقطع دمها عقب الولادة، أو ولدت بلا دم وانقضى نفاسها، لزمها ما يلزم الطاهرات من الصلاة والصوم وغيرهما، وأما أكثره فأربعون يوما.
لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما» رواه الخمسة إلا النسائي وقال الترمذي - بعد هذا الحديث -: قد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فإنها تغتسل وتصلي، فإن رأت الدم بعد الأربعين، فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين.